فينبغي للصائم أن يكثر من تلاوة القرآن في هذه الأيام المباركة والليالي الشريفة ، فإن لكثرة القراءة فيه مزية خاصة ليست لغيره من الشهور .
وليغتنم شرف الزمان في هذا الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن ..
وقراءة القرآن في ليالي رمضان لها مزية ، فإن الليل تنقطع فيه الشواغل وتجتمع الهمم ويتواطأ القلب واللسان على التدبر ، والله المستعان .
وقد ثبت أن جبريل صلى الله عليه وسلم كان يَلقى النبي صلى الله عليه وسلم كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ، ولو كان الذكر أفضل من القرآن أو مساوياً له لفعلاه دائماً أو في بعض الأوقات مع تكرار اجتماعها ، وقد أفادنا هذا الحديث استحباب دراسة القرآن في رمضان والاجتماع على ذلك وعرض القرآن على من هو أحفظ له .
وقد كان السلف الصالح من هذه الأمة يُكثرون من تلاوة القرآن في رمضان ، وكانوا إذا صاموا جلسوا في المساجد ، وقالوا نحفظ صومنا ولا نغتاب أحدا .
كانوا يقرأون القرآن في الصلاة وغيرها .
كان عثمان رضي الله عنه يختم القرآن كل يوم مرة .
وكان بعض السلف يختمه في قيام رمضان في كل ثلاث ليال .
وبعضهم في كل سبع .
وبعضهم في كل عشر .
وكان للشافعي في رمضان ستون ختمه يقرؤها في غير الصلاة .
وكان الأسود يقرأ القرآن في كل ليلتين في رمضان .
وكان قتادة يختم القرآن في كل سبع دائماً ، وفي رمضان في كل ثلاث ، وفي العشر الأواخر في كل ليلة ، وأخبارهم في ذلك مشهورة .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : " إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك ، فأما الأوقات المفضلة ، كشهر رمضان ، وخصوصاً الليالي التي تُطلب فيها ليلة القدر ، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها ، فيستحب الإكثار فيه من تلاوة القرآن اغتناماً لفضيلة الزمان والمكان ، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة وعليه يدل عمل غيرهم كما سبق ذكره " .
وعلى القارئ أن يتأدب بآداب التلاوة ، ومن ذلك إخلاص النية لله تعالى .
وأن يقرأ على طهارة .
وأن يستاك .
وأن يقرأ بتدبر ولا يهذه هذاً ، بل يرتل القراءة ، ويحرك بها القلب ، فإن هذا أعون للقارىء على تقويم حروفه وألفاظه وتدبر معانيه ، وأدعى للخشوع ، قال تعالى : كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب
ومن آداب التلاوة ألا يقطع القراءة لمحادثة أحد ، فإن كثيراً من الناس إذا جلس يقرأ وبجانبه إنسان ، أكثر قطع القراءة ومحادثة جاره وهذا لا ينبغي لأنه إعراض عن القراءة بلا داع .
وعلى القارئ أن يكون عاملاً بالقرآن يحل حلاله ويحرم حرامه ، ليكون القرآن حجة له يوم القيامة ، يشفع له في دخول جنات النعيم . والله أعلم .