01-15-2020
|
01-15-2020
|
#2
|


عباد الله؛ احفظوا الله بطاعته يحفظكم في دينكم ودنياكم وأخراكم، قال سبحانه: ï´؟ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ï´¾.[آل عمران: 111]، فلا تخافوا منهم لا يلحقكم ضرر، ولكن ربما يلحقكم بعض الأذى.
وقال جل جلاله: ï´؟ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ï´¾. [آل عمران: 186]
وقد ورد عند الترمذي والإمام الحاكم والإمام أحمد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: (كُنْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا) -أي راكبا خلف النبي صلى الله عليه وسلم على دابة- فَقَالَ: ("يَا غُلَامُ! إِنِّي مُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ؛ احْفَظْ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظْ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، تَعَرَّفْ إلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ، وَجَفَّتْ الصُّحُفُ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يَسِّرَا"). [1]
انظروا في هذا الحديث إلى تواضع النبي صلى الله عليه وسلم بركوبه على الدابة، وكانت والله أعلم حمارا أو بغلة.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-15-2020
|
#3
|


وكذلك في تواضعه وإرداف ابن عباس خلفه وهو في العاشرة من عمره، وانظروا إلى تربيتِه للصبيان والأطفال نتخذ في ذلك أدبا وعبرة، وانظروا حسنِ تعليمه: ("يَا غُلَامُ! إِنِّي مُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ؛ احْفَظْ اللهَ يَحْفَظْكَ")؛ أي: أن من حفظ الله؛ فكيف تحفظ الله يا عبد الله؟ وذلك بإقامة أوامره، وترك نواهيه، حفظه الله في الدنيا والآخرة، ويحفظه في صحة بدنه وقوته وعقله وماله ولسانه، وهاكم أمثلة لحفظ الله لمن حفظه:
كان العبد الصالح أبو الطيب الطبري رحمه الله، قد جاوز المائة من السنين، وهو متمتع بعقله وقوته، وكافة حواسِّه، حتى أنه سافر ذات مرة مع رفقة له، فلما اقتربت السفينة من الشاطئ، وثب منها إلى الأرض وثبةً شديدة، عجز عنها بقية الذين كانوا معه على السفينة، فاستغرب بعضهم هذه القوة الجسدية التي منحها الله إياه؛ مع كبر سنه وشيخوخته! فقال لهم الطبري: (هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر)[2].
وكان العبد الصالح شيبان الراعي رحمه الله [3] يرعى غنماً له في البرّيّة، فإذا جاءت الجمعة خطَّ عليها خطّاً، ثم ذهب وشهد الجمعة والخطبة مع جماعة المسلمين، ثم عاد إليها، فيجدها كما هي لم تتحرك منها شيء، ولم تجاوز الخطّ منها أية شاة، [4] فسبحان الحافظ المعين.
وقال عروة بن الزبير: بلغت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما مائة سنة لم يسقطْ لها سنٌّ، ولم ينكَر لها عقل. [5]
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-15-2020
|
#4
|
وقد يحفظ الله العبدَ بصلاحِه فيحفظه في ولده وولد ولده:
كما قيل في قوله سبحانه وتعالى: ï´؟ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ï´¾ [الكهف: 82]؛ إنهما حُفظا بصلاح أبيهما. قال محمد بن المنكدر: إنّ الله ليحفظُ بالرجل الصالح ولدَه وولدَ ولدِه وقريتَه التي هو فيها، والدويراتِ التي حولها، فما يزالون في حفظِ الله وسترٍ[6].
ومن أنواع حفظ الله لمن حفظه في دنياه: أن يحفظَه من شرِّ كلِّ من يريده بأذى من الجن والإنس، كما قال سبحانه وتعالى: ï´؟ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ï´¾ [الطلاق: 2]، قالت عائشة: (يكفيه غَمَّ الدنيا وهمَّها)[7].
وكتبت عائشة رضي الله تعالى عنها إلى معاوية رضي الله عنه: (إن اتقيتَ اللهَ كفاكَ الناس، وإن اتقيت الناسَ لم يغنوا عنك من الله شيئاً)[8].
وكتب بعض السلف إلى أخيه: (فإنه من اتقى الله فقد حفظ نفسه، ومن ضيع تقواه فقد ضيع نفسه، والله الغني عنه)[9].
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-15-2020
|
#5
|


وقال ابن رجب رحمه الله: (ومن عجيب حفظ الله لمن حفظه أن يجعل الحيوانات المؤذية بالطبع حافظة له من الأذى؛ كما جرى لسفينة مولى النبي صلى الله عليه وسلم حيث كُسِرَ به المركب، وخرج إلى جزيرة فرأى الأسد، فجعل يمشي معه -هذا الأسد- حتى دلَّه على الطريق، فلما أوقفه عليها جعل يهمهم؛ كأنه يودِّعه ثم رجع عنه)[10].
فاحفظ الله يحفظك.
ورؤي إبراهيمُ بن أدهم نائماً في بستان وعنده حَيَّةٌ في فمها طاقةُ نَرجِس، فما زالت تذبُّ عنه حتَّى استيقظ[11].
فاحفظ الله يحفظك.
قال مسروق بن الأجدع: (من راقب الله في خطرات قلبه، عصمه الله في حركات جوارحه). [12]
وقال سعيد بن المسيب لابنه: (لأزيدن في صلاتي من أجلك رجاء أن أُحفَظَ فيك، ثم تلا هذه الآية: ï´؟ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ï´¾ [الكهف: 82]. [13]
ومن أعظم الحفظ؛ حفظُه -سبحانه و-تعالى لعبده في دينه، فيحفظ عليه دينه وإيمانه في حياته، من الشبهات المردية والشهوات المحرمة، ويحفظُ عليه دينه عند موته، فيتوفاه على -الإيمان و- الإسلام.
ثبت في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ("إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ: بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ")[14].
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-15-2020
|
#6
|


وجاء في حديث عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علمه أن يقول: (اللهم احفظني بالإسلام قائماً، واحفظني بالإسلام قاعداً، واحفظني بالإسلام راقداً)[15].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ودّع من يريد السفر يقول له: ("أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك"). [16]
وكان عمر رضي الله عنه يقول في خطبته: (اللهم اعصمنا بحفظك، وثبتنا على أمرك). [17]
وهذا كما حفظ يوسف عليه السلام قال: ï´؟ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ï´¾ [يوسف: 24]، فمن أخلص لله خلَّصه الله من السوء والفحشاء منها، من حيث لا يشعر، وحال بينه وبين أسباب المعاصي المهلكة[18].
وسمع عمر -بن الخطاب رضي الله عنه- رجلاً يقول: (اللهم إنك تحول بين المرء وقلبه، فحُل بيني وبين معاصيك)، فأعجب ذلك عمر ودعا له بخير[19].
راوَدَ رجلٌ امرأةً عن نفسها، وأمرها بغلق الأبواب -كلها- ففعلت -فغلُّقت-، وقالت له: (قد بقي باب واحد)، قال: (وأي باب هو؟!) قالت: (الباب الذي بيننا وبين الله!) فلم يتعرَّض لها[20].
وراودَ رجلٌ أعرابيَّة، قال لها: (ما يرانا إلا الكوكب)، قالت: (فأين مكوكبها؟!) وهذا كلُّه من ألطاف اللهِ -سبحانه وتعالى- وحيلولَتِه بين العبد ومعصيته[21].
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
 |
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 05:14 AM
| | | | | |