أتدري من أشر الناس ؟!
أتدري من أشر الناس ؟!
سؤال عظيم سُأل عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكر عدة أمور على كل مسلم تجنبها حتى لا يكون مِنْ شر الناس ..!!
سُئل النبي صلى الله عليه و سلم من شر الناس ؟ فقال :
( من لا يُقيل العثرة ، ولا يقبل العذر ، ولا يغفر الذنب ) .
ما أجمل أن تكون ممن يُقيل العثرة و يعفو و يغفر و يسامح و يُحسن الظنَّ بالآخرين ..
{وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}
أحسِنْ الظنَّ إنَّا فيكَ نُحسِنُهُ .. إنَّ القُلوبَ بِحُسْنِ الظنَّ تَنْسَجِمُ
والمَسْ لنَا العُذْرَ في قولٍ وفي عَملٍ .. نَلْمَسْ لَكَ العُذْرَ إنْ زَلَّتْ بِكَ القَدمُ
لا تَجعل الشَّكَ يبني فيكَ مَسْكَنهُ .. إنَّ الحياةَ بِسُوءِ الظنِّ تنْهَدمُ
قال صلى الله عليه وسلم : ( إنـمـا تـحْـرمُ الـنَّــارُ عـلـى كـلِّ هــيِّــنٍ لــيِّـــنٍ قـريــبٍ سـهــل ) .
{وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ}
إنَّمَا الأَخْلاَقُ روْحٌ .. لِجَمَاْلٍ لاَ يَرُوُّحُ
أدَبُ الإنْسَانِ عطْرٌ .. في الوَرى دَوْمَاً يَفُوْحُ
كُلُّ مَنْ يَزْهُو بِحُسْنٍ .. دُوْنَ أخلاقٍ قبيحُ
إنَّ مَنْ يَحْيَا خَلُوْقاً .. ذَاكَ يا صَاْحِ المَلِيْحُ
وتذكر : ليس جميع البشر تملك مرونتك في التلقي ، غفرانك ، أو صفاء نيتك ، لا تتوقع من أحدٍ نفس ردة فعلك في أي مناسبة وتحت أي ظرف ، فالطين واحد و الأرواح تختلف .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
ـ ومن شر النَّاس الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه و سلم :
قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة : الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها ) . رواه مسلم .
قال النووي في شرحه لهذا الحديث : فيه تحريم إفشاء الرجل ما يجري بينه وبين امرأته من أمور الاستمتاع ووصف تفاصيل ذلك ، وما يجري من المرأة فيه من قول أو فعل ونحوه .
ـ ومن شر النَّاس الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه و سلم :
عن عائشة قالت : " استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت عائشة : وأنا معه في البيت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بئس ابن العشيرة ، ثم أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت عائشة : فلم أنشب أن سمعت ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ، فلما خرج الرجل ، قلت : يا رسول الله ! قلت فيه ما قلت ، ثم لم تنشب أن ضحكت معه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره ) . متفق عليه .
إنَّ اللَّئيمَ بِقُبْحِ القَوْلِ تَعْرِفُهُ .. وبالحِوَارِ طِبَاعُ النَّاسِ تكْتَشَفُ
فنُّ التَّخَاطُبِ ذوْقٌ ليْسَ يُدْرِكُهُ .. إلاَّ كَريمٌ بِحُسنِ الخُلقِ يَتَّصفُ
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الوَجْهَيْنِ ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ ، وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ ) رواه البخاري و مسلم .
وهنا شُبهه يُلقيها أعداء الإسلام أن حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم متناقض و يقابل هذا بوجه و هذا بوجه مستدلين بالأحاديث التي ذكرنا .. والجواب بسيط .. وقد اختصرته من موقع الإسلام سؤال و جواب ..
ذو الوجهين - الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الوَجْهَيْنِ ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ ) .
هو الذي يغش كلا الطرفين ، فيوهمهم ويكذب عليهم بلسان حاله ومقاله ، أنه يحب منفعتهم ، ويتلهف لعونهم ومحبتهم ، ويسعى لأجلهم ، ولكنه في حقيقة الأمر يطلب ضرهم ، ويبحث عن كل ما يسوؤهم ، ويضمر لهم كل سوء ، ويمكر بهم الدوائر ، وذلك لحساب نفسه ، أو لحساب قوم آخرين .
وهذا الخلق السيئ لا يمكن لأحد من الطاعنين إثبات نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا ذكر أي دليل عليه ، بل الأدلة كلها جاءت بتحريم هذا السلوك ، وذم كل خلق يقوم على هذا الوجه من النفاق .
أما المُداري فهو الذي لا ينطق بباطل ، ولا يكذب ، ولا يغش من يحادثه ويداريه ، ولا يشاركه في سوء خلقه وعمله ، ولا يظهر له موافقته على باطله ، وإنما يسكت عنه في أحيان ، ويجامله بالبشاشة والمعاملة الحسنة فقط ، دون أدنى تنازل أو غش أو سعي في أذية ، لعله يؤثر فيه بعد ذلك ، ويستمع لنصحه ، أو لعله يتقي شره ويجتنب أذيته ، ولكن دون وقوع في أي مشاركة في الإثم والعدوان .
والمداراة هي ما صدرت عنه عليه الصلاة والسلام في حديث عائشة الوارد : " أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: ( بِئْسَ أَخُو العَشِيرَة ِ، وَبِئْسَ ابْنُ العَشِيرَةِ ) ، فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ ، قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا عَائِشَةُ ، مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشًا ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ ) .
فهو صلى الله عليه وسلم لم ينطق بباطل مع هذا الرجل الذي دخل عليه ، فلم يمدحه ، ولم يثن عليه ، ولم يشاركه في سوء أخلاقه ، ولم يؤيده على شيء من مسالكه ، وإنما داراه بالبشاشة وطلاقة الوجه – المعهودة عنه عليه الصلاة والسلام على الدوام – ، لعله يؤثر في قلبه بعد ذلك إذا سمع نصحه وتذكيره ، فيخلصه من نفاقه وسوء أفعاله .
وهذا الفرق عظيم في الفلسفة الأخلاقية لدى جميع الناس ، ولدى جميع المختصين بعلوم الأخلاق ومنظومتها ، وقرره علماء الإسلام من قديم الزمان .
فمن لم يدرك هذا الفرق ، فهو كمن يساوي بين البخل والاقتصاد ، وبين الجبن والحكمة ، وبين الخوف والحذر . وما ذلك إلا بسبب ضعف المعرفة التي يتمكن الإنسان من خلالها أن يميز بين الأمور المشتبهة .
وكان علي رضي الله عنه يقول : " إنا لنبش في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم " .
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|