الصحابى الجليل أنس بن مالك خدم الرسول وهو بعمر عشرسنوات واشتهر بخادم رسول الله وكان يفتخر بذلك اللقب، دعا له صلى الله عليه وسلم «اللهم أكثر ماله وولده وبارك له، وأدخله الجنة» فعاش طويلا، وكان آخر من رحل من الصحابة، ورزق من البنين والأحفاد الكثير، وروى كثيرًا من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويرجع نسبه إلى بن النضر الأنصاري الخزرجي النجاري من بني عدي بن النجار، وأمه أم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام، وعمه أنس ابن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام النجاري الذي قتل في أحد على يد سفيان بن عويف، ومن أشهر إخوته البراء بن مالك وزيد بن مالك، وكان له أخ من أمه من أبو طلحة الأنصاري يقال له: أبو عمير، حيث كان النبي محمد يمازحه إذا دخل على أم سليم، فدخل يوماً فوجده حزيناً فقال: "ما لأبي عمير حزيناً؟ فقالت: يا رسول الله مات نغيره الذي كان يلعب به، فجعل يقول: "يا أبا عمير ما فعل النغير؟ " حياته وخدمته لرسول الله:
فيقول أنس بن مالك رضى الله عنه: خدمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين، فما ضربني ضربة، ولا سبني سبة، ولا انتهرني، ولا عبس في وجهي، فكان أول ما أوصاني به أن قال: «يا بني اكتم سري تك مؤمنا» فكانت أمي وأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألنني عن سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا أخبرهم به، وما أنا مخبر بسرِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحداً أبدا».
فعندما جاء إلى رسول الله اخبرت والدته الرسول بانه كاتب وهذه الميزة العظيمة لم تكن متوفرة إلا في النفر القليل من أصحاب رسول الله؛ مما يدل على فطنة أنس وذكائه منذ الصغر، فقد كان حينها لم يتجاوز العاشرة من عمره، وقد كان هذا الذكاء وهذه الفطنة من الأهمية بمكان؛ إذ حفظ وفَقِه وتعلّم من رسول الله، حتى قيل إنه في المرتبة الثالثة بعد ابن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهما- في كثرة الأحاديث التي رواها وحفظها من رسول الله، ومسنده ألفان ومائتان وستة وثمانون حديثًا، اتفق له البخاري ومسلم على مائة وثمانين حديثًا، وانفرد البخاري بثمانين حديثًا، ومسلم بتسعين حديثًا.
عاش أنس بن مالك مع الرسول أبرز أيام حياته فكان لخدمة الرسول محمد أبلغ الأثر في حياة أنس، نقل من خلالها أنس للمسلمين أخلاق نبيهم في التعامل معه ومع زوجاته ومع مواليه ومع عامة الأمه، كان الرسول محمد بالنسبة لأنس الأب والمربي والقدوة والأسوة الحسنة وكان أنس حريصاً أشد الحرص في فترة خدمة الرسول على اقتفاء أثره وحفظ حديثه ومعاملته حتى مع زوجاته، لذلك أكتسب حديث أنس بن مالك أهمية بالغة بالنسبة للمسلمين حتى حزن كثير من المسلمين لوفاته حتى قال مؤرق العجلي لما مات أنس بن مالك «ذهب اليوم نصف العلم»، وكان أنس مجاب الدعاء فما دعا لأرض بالمطر إلا ثار السحاب وغشيت الأرض الأمطار حتى في الصيف شهد أنس غزوة بدر مع رسول الله، وكان يخدمه، إذ كان عمره حينها اثني عشر عامًا.
وعن أنس بن مالك قال: أتاني معاذ بن جبل من عند رسول الله فقال: "من شهد أن لا إله إلا الله مخلصًا بها قلبه دخل الجنة". فذهبت إلى رسول الله فقلت: يا رسول الله، حدثني معاذ أنك قلت: "من شهد أن لا إله إلا الله مخلصًا بها قلبه دخل الجنة". قال: "صدق معاذ، صدق معاذ، صدق معاذ".
ووعد الرسول محمد أنس بن مالك باللقاء مرة أخرى في يوم القيامة ووعده بالشفاعة, قال أنس بن مالك أنه سأل النبي فقال: خويدمك أنس اشفع له يوم القيامة، قال: " أنا فاعل ". قال: فأين أطلبك؟ قال: " اطلبني أول ما تطلبني عند الصراط؛ فإن وجدتني وإلا فأنا عند الميزان وإلا فأنا عند حوضي لا أخطئ هذه الثلاثة المواضع. وفاته:تُوُفِّي -رضي الله عنه- بالبصرة، قيل: سنة إحدى وتسعين، وقيل: سنة اثنتين وتسعين، وقيل: سنة ثلاث وتسعين من الهجرة النبوية.
كما أنه كان عنده عصية لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأمر بها فدفنت معه، وقال أنس بن سيرين: «شهدت أنس بن مالك وحضره الموت فجعل يقول: لقنوني لا إله إلا الله، فلم يزل يقولوها كما أنه كان عنده عصية لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأمر بها فدفنت معه.»
المصادر: