ليلى التي علمتني الحياة

ليلى التي علمتني الحياة

(1)
قيل قديمًا "كلٌّ يغني على ليلاه".. وبرغم أنني لم أغنِّ لليلى منذُ زمن فإن قلمي سبقني إليها باحثًا عنها في أوراقي وبين كتبي، كيف لا وقد علمتني ما لم أتعلمه في الجامعات.
(2)
كلما تقدمت في النضج -ولن أقول: "كلما تقدمت في العمر" لأن التقدم في العمر ليس كافيًا ولا مقياسًا للنضج- كلما نضجت كلما ترسخت لديك القناعات والمبادئ والأفكار.
الآن آمنت بمقولة: "العمر مجرد رقم لا أكثر والنضج من اختيارك".
(3)
تعلمت أن العمر غير مرتبط بميلاد معين، قد يحدث أحيانًا أن نولد من جديد، وقد يحدث أحيانًا أخرى أن تتوقف أعمارنا عند لحظات معينة، كما حدث معي فقد توقف عمري مرتين؛ الأولى عندما مات أبي، والأخرى عندما فقدت روحي، حينها أدركت أن الحياة ستمضي، ولكن هذه اللحظات مهما حاولت لن تمضي، وتعلمت الصبر أول درس في حياتي، ثم احتسبت سطوة الألم عند الله فلم يرهقني التعب، ولم يغيرني التغافل، بل زادني تصالحًا مع نفسي وراحة ورضى.
(4)
الفقد دائمًا يعلمنا أن نجعل خياراتنا مفتوحة، وأن نجعل من شوارع قلوبنا أرصفة تسمح بالعبور لمن أراد أن يعبر، فمن الطبيعي جدًّا أن تزداد قائمة العابرين في الحياة، لذا كان لزامًا عليَ ألا أرهق نفسي بفواتير الانتظار.
(5)
التعمق في الأشخاص مؤذٍ، لذا السطحية في العلاقات نعمة، لقد تعلمت ألا أتساءل عن صدق أحدهم أو كذبه، ومن صدق فلنفسه ومن كذب فعليها. أتقنت الصمت وأحببت شعور الصمت، وأخلصت له كثيرًا، وعندما أصمت أعلم أن هناك الكثير والكثير من الكلام الذي لا يُنطق ولا يُقال.
(6)
كنت أقول دائمًا إن لكل مشكلة مئات الحلول وأبادر بالتجربة والحل تلوَ الآخر، ولكني مؤخرًا أدركت أن وجود الحلول لا يكفي لأن بعض المشاكل الأولى بها ألا تُحل، بل يبقى الاكتفاء بالصمت خير حل لها مع ترك باب العودة مفتوحًا للآخرين.
(7)
تعلمت أن من يتفنن في أشكال الغياب هو شخص فاشل عجزَ عن الوفاء والاحتفاظ بك، ولم يجد لنفسه عذرًا سوى الخذلان، لذا لا تتمسك بمن يصافح قلبك فقط ثم يترك يدك في مهب الريح.
(8)
تعلمت أن الحياة تهدينا الدروس، لكنها ليست دروسًا بلا ثمن، فلا بد أن تدفع ثمن كل ما تتعلمه.
(9)
وأخيرًا رسالة إلى إحداهن: شكرًا وأنا مدينة لكِ بكل ما تعلمته فلولا خنجرك الذهبي لم أكن أعرف كيف أتجرع الحياه .