حديث: أكثر شهداء أمتي أصحاب الفرش

حديث: أكثر شهداء أمتي أصحاب الفُرُش
الدرة اليتيمة في تخريج أحاديث التحفة الكريمة (28)

حديث: "إن أكثر شهداء أمتي أصحاب الفُرُش، ورُبّ قتيلٍ بين الصفَّين الله أعلم بنيّته"[1].

أخرجه الإمام أحمد رحمه الله في المسند (جلد واحد، ص397) من طريق عبد الله بن لهيعة، وهو ضعيف لاختلاطه، فيكون هذا الحديث ضعيفاً بهذا السند.

وفي السند أيضاً أبو محمد؛ الراوي للحديث المذكور عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يصرح بسماعه منه عليه الصلاة والسلام، فيحتمل أن يكون مرسلاً؛ إن لم يثبت سماع أبي محمد المذكور من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد ذُكر في السند أنه من أصحاب ابن مسعود، والله ولي التوفيق.

[1] الحديث رواه الإمام أحمد (1/397) من طريق ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بين أبي هلال، عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة، أن أبا محمد أخبره -وكان من أصحاب ابن مسعود؛ حدَّثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديث.
وقال ابن حجر في الفتح (10/194): الضمير في (حدثه) لابن مسعود، فإن أحمد أخرجه في مسند ابن مسعود، ورجال سنده موثقون. وقال أيضاً في بذل الماعون (188): سنده جيد!
بينما ضعفه شيخُه العراقي في تخريج الإحياء (4227) بقوله: فيه عبدالله بن لهيعة.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/302): فيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه ضعف، والظاهر أنه مرسل، وبقية رجاله ثقات.
وأعله الألباني في الضعيفة (2988) بالإرسال، وضعف ابن لهيعة، وجهالة أبي محمد، واختلاط سعيد بن أبي هلال.
قلت: يؤيد اختيار ابن حجر في الضمير أن مصادر الحديث الأخرى صرَّحت أنه من مسند ابن مسعود -كما سيأتي-، ونص ابن القيم في مدارج السالكين (1/438) وابن رجب في جامع العلوم والحكم (12) والعراقي أنه من مسند ابن مسعود، فالصحيح أنه مسند غير مرسل.
وأما ابن لهيعة فقد توبع:
فقال ابن أبي شيبة في المسند (1/270 رقم 403): نا يونس بن محمد، ثنا ليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة، عن أبي محمد -وكان من أصحاب ابن مسعود- عن ابن مسعود مرفوعا.
وخولف يونس عن الليث في سنده، فرواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول (3/282/أ، الأصل 290): نا عبدالكريم بن عبدالله، عن محمد بن معاوية، عن ليث بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال، عن ابن شهاب، عن إبراهيم بن عبدالله بن عوف، عن ابن مسعود مرفوعا بلفظه.
قلت: وهذه مخالفة لا يعتد بها، فمحمد بن معاوية هذا هو ابن أعين النيسابوري، وهو متروك، أما يونس فثقة ثبت، وقد توبع على أصل الإسناد.
ويبقى الحديث ضعيفاً لجهالة أبي محمد، والله أعلم.
• وأما سعيد بن أبي هلال فنبّه أحد الفضلاء على خطأ الإعلال باختلاطه، وأن الحافظ في التقريب وهم في نقل اختلاطه عن أحمد، وأن صواب العبارة المنقولة عن أحمد: ما أدري أي شيء، يخلّط في الأحاديث. يريد الخطأ والوهم، ولم يذكره من صنّف في المختلطين.