قصص_ أدب التّخاطب مع الرّسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)
وَفَدَ نفرٌ من تميم وهم عطارد بن حاجب بن زرارة في أشراف من بني تميم، منهم الأقرع بن حابس والزّبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم وقيس بن عاصم في وفد عظيم، فلمّا دخلوا المسجد نادوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من وراء الحجرات أن أخرج إلينا يا محمّد، فآذى ذلك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فخرج إليهم فقالوا: جئناك لنفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا، فقال: قد أذنت، فقام عطارد بن حاجب وقال: الحمد لله الّذي جعلنا ملوكًا، الّذي له الفضل علينا والّذي وهب علينا أموالاً عظامًا نفعل بها المعروف وجعلنا أعزّ أهل المشرق وأكثر عددًا وعدة، فمن مثلنا في النّاس، فمن فاخرنا فليعدّ مثل ما عددنا ولو شئنا لأكثرنا من الكلام ولكنّا نستحي من الإكثار، ثمّ جلس، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لثابت بن قيس بن شمّاس: قم فأجبه، فقام فقال: الحمد الله الّذي السّماوات والأرض خلقه، قضى فيهنّ أمره ووسع كرسيّه علمه ولم يكن شيء قطّ إلاّ من فضله، ثمّ كان من فضله أن جعلنا ملوكًا واصطفى من خير خلقه رسولاً أكرمهم نسبًا وأصدقهم حديثًا وأفضلهم حسبًا، فأنزل الله عليه كتابًا وائتمنه على خلقه فكان خيرة الله على العالمين، ثمّ دعا النّاس إلى الإيمان بالله فآمن به المهاجرون من قومه وذوي رحمة، أكرم النّاس أحسابًا وأحسنهم وجوهًا فكان أوّل الخلق إجابة واستجابة لله حين دعاه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فنحن أنصار رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وردؤه، نقاتل النّاس حتّى يؤمنوا، فمن آمن بالله ورسوله منع ماله ودمه ومن نكث جاهدناه في الله أبدًا وكان قتله علينا يسيرًا، أقول هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات والسّلام عليكم. ثمّ قام الزّبرقان بن بدر ينشد، وأجابه حسّان بن ثابت، فلمّا فرغ حسّان من قوله قال الأقرع: إنّ هذا الرّجل خطيبه أخطب من خطيبنا وشاعره أشعر من شاعرنا وأصواتهم أعلى من أصواتنا، فلمّا فرغوا أجازهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأحسن جوائزهم وأسلموا [254] .