*ما أجمل هذه الصورة البديعة والتمثيل الرائع، صورة العقد الذي عقده رب العزة جل جلاله بنفسه، وجعل ثمنه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وسجل كلماته بحروف من نور في الكتب السماوية الثلاثة، وما أشرفه من صك وتوثيق، ووعدا ألزم الله به نفسه وجعله حقا عليه مبالغة في الفضل منه والكرم وإيناسا لعباده ولطفا بهم، ولا أحد أوفى من صاحب هذا الوعد، فوعد الرب الغائب أقوى من بضاعة كل عبيده الحاضرة.*
*لكن.. ماذا تساوي نفوسنا المعيبة -وإن طهرت- حتى يشتريها الله منا بكل هذا الثمن، لذا*
قال الحسن البصري وقتادة: *«بايعهم والله فأغلى ثمنهم»*
وهو ما دفع محمد بن الحنفية أن يحثك على تزكية نفسك وتطييبها بالعمل الصالح والطاعات والقربات مبرِّرا ذلك بقوله: *« إن الله عز وجل جعل الجنة ثمنا لأنفسكم فلا تبيعوها بغيرها »*
* أنت إذن - غال جدا عند الله، يحبك ويريد أن يكرمك غاية الإكرام، لذا اشتراك بجنة عرضها السماوات والأرض، جنة لا تُقدَّر بمال، فأنت والله أغلى عنده من الدنيا بأسرها، وقد مرَّ بك: «موضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها».*
*فكيف بعت هذه النفس الثمينة بشهوة تنقضي في لحظة؟!* *وبلذة لا تبقى سوى ساعة؟!*