(سجآده حمراء وأرائـك الهطول# حصريآت ال روآية عشق)  
 
 

العودة   منتدى رواية عشق > ۩ القِسـم الإسلامـي ۩ > ۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩

الملاحظات

۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩ |يختَص بكُل ما يَتعلق بالأنبيَاء عليهِم الصّلاة والسّلام ونُصرتهم .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 09-01-2019
شيخة رواية غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
 
 عضويتي » 726
 اشراقتي ♡ » Jul 2018
 كُـنتَ هُـنا » منذ 4 ساعات (11:30 AM)
آبدآعاتي » 2,298,599
 تقييمآتي » 1558159
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
 حالتي الآن »
آلعمر  » 24سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
تم شكري »  118
شكرت » 148
مَزآجِي  »  1
 
افتراضي ذكر الصحابة الكرام



الصحابة والصحب والصحابي والصاحب ، صاحب رسول الله كلهم لهم ميزة على غيرهم ،
فالصاحب في غير صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هو : من كثرت ملازمته ،
صاحبك من كثرت ملازمته لك هذا في حق غير صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،
أما الصحابة للرسول عليه الصلاة والسلام فالصحابي : هو ( من اجتمع بالنبي صلى الله عليه صلى الله وآله وسلم مؤمناً به ولو حكماً ومات على ذلك ) [1] ،
فخرج بقولنا : ( من اجتمع ) : من أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وآمن ولكن لم يجتمع به .
مثل : أن يكون أقبل على المدينة ليبايع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمات الرسول عليه الصلاة والسلام قبل أن يصل فهذا ليس بصحابي .
وإن كان قد أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ،
لكنهم اصطلحوا على أن يسموه مخضرماً ومرتبته بين الصحابة الخُلَّص وبين التابعين الخُلَّص ،
لأنك إن نظرت إلى كونه أسلم في عهد الرسول ألحقته بالصحابة ،
وإن نظرت إلى أنه لم يجتمع به ألحقته بالتابعين ،
ولهذا كان في منزلة بين الصحابة وبين منزلة التابعين ويُسمى مخضرماً وما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنه يُعتبر منقطعا لأنه لم يجتمع بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم ،
وقولنا : ( مؤمناً به ) : خرج بذلك من اجتمع بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم مؤمناً بغيره ولما مات الرسول آمن بالرسول فهذا ليس بصحابي .
لأنه حين اجتماعه به ليس مؤمناً به ،
ولهذا نقول : ( مؤمناً به ) ،
ودخل في قولنا : ( من اجتمع بالرسول ) : من كان أعمى واجتمع بالرسول فإنه يكون صحابياً ،
وبهذا نعرف أن قولنا : ( من اجتمع به ) : أحسن من قول بعض العلماء : ( من رآه مؤمناً به ) ،
لأننا إذا قلنا : ( من رآه ) : خرج بذلك العمى ،
وقولنا : ( ولو حكماً ) : دخل فيه الصبي في المهد إذا اجتمع بالرسول عليه الصلاة والسلام ،

كما لو جيء بصبيٍّ من أبناء المسلمين إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ثم مات النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يميز هذا الصبي فإن هذا مؤمنٌ بالرسول حقيقةً أو حكماً ؟
حكماً ، لماذا ؟
لأنه صبي لا عقل له لكنه مؤمنٌ لإيمان أبويه ،
وقولنا : ( ومات على ذلك ) : دخل فيه من ارتد ثم رجع إلى الإسلام ومات على الإسلام فإنه يكون صحابياً ،
فالردة لا تبطل الصحبة ،
إلا أن يموت على الردة كما أنها لا تبطل الأعمال الصالحة إلا أن يموت على الردة ،
لقوله تعالى : { ومن يرتدد منكم عند دينه فيمت وهو كافر فأولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والأخرة } ( البقرة 217 ) .
وخرج به من اجتمع بالرسول عليه الصلاة والسلام مؤمناً به ثم ارتد ومات على الردة ،
فإنه لا يكون صحابياً ،
فاعرف القيود حتى يتبين لك من هو الصحابي ،
ثم الصحابة على مراتب كما سيأتي في هذا الباب على مراتب في الفضيلة والسبق إلى الإسلام سيذكرها المؤلف ،
معنى قولنا : ( ولو حكماً ) : أي أن من كان صبياً فهو صحابي حكماً لا حقيقةً ،
وعلى هذا فمحمد بن أبي بكر الذي وُلد في حجة الوداع يُعتبر صحابياً ،
ولو اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة ثم لم يره بعد وآمن أيكون صحابياً ؟
لا يكون ،
لأنه اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل النبوة ،
ونحن قلنا : ( من اجتمع بالنبي ) بوصفه نبياً لا بوصفه رجلاً سيُنبأ ،
فمن اجتمع بالرسول صلى الله عليه وسلم مؤمناً بالرسول وقال هذا هو النبي بشرت به التوراة والإنجيل فآمن بالرسول لكن بعد بعثة الرسول لم يره فإنه لا يُعتبر صحابياً ،
لأنه آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يكون نبياً ،
وقولنا : ( مات على ذلك ) : يشمل ما لو ارتد ثم عاد إلى الإسلام ،
فإنه يبقى على وصف الصحبة أما لو ارتد ومات على الكفر ، فمعلوم أنه ليس بصحابي ،
لأن الردة تبطل الأعمال كلها إذا مات الإنسان عليها والعياذ بالله ،
وهكذا نقول في الأعمال كلها ،

لو أن الإنسان ارتد ثم عاد للإسلام ومات على الإسلام ، فإن أعماله السابقة للردة تبقى صحيحة مقبولة إذا تمت فيها شروط القبول ،
فإذا حج الإنسان ثم ارتد بترك الصلاة مثلاً صار لا يصلي ثم عاد للإسلام هل نأمره بإعادة الحج ؟
لا ،
لأن الردة لا تبطل الأعمال ، إلا إذا مات وهو على الكفر ،
أما الصحبة في حق غير الرسول فإنها لا تكون إلا بملازمةٍ طويلة يستحق أن يكون بها صاحباً فمجرد أن يتفق شخص مع آخر في سفر ،
فإذا وصلا إلى المدينة تفرقا لا يُعد ذلك صحبة إلا مقيدة ،
فيقال : صحبته في السفر الفلاني ، صحبته في الحج ، وما أشبه ذلك ،
أولاً : هذه الأمة أفضل الأمم ولله الحمد بالقرآن والسنة :
{ كنتم خير أمة أخرجت للناس } ( آل عمران 110 ) .
وقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إنكم توفون سبعين أمةً أنتم أكرمها على الله عز وجل ) [2] ، هذا الحديث أو معناه ،
فهذه الأمة ولله الحمد أفضل الأمم بالقرآن والسنة ،
ثم إن خير هذه الأمة الصحابة [3] ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) [4] ،
ثم الصحابة المهاجرون أفضل من الأنصار ،
لأن المهاجرين جمعوا بين النصرة والهجرة هاجروا أوطانهم وأموالهم وأهليهم إلى الله ورسوله ونصروا الله ورسوله ،
قال الله تعالى في وصف المهاجرين : { وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون } ( الحشر 8 ) .
فنص على الهجرة ونص على النصرة ، فهم رضي الله عنهم أفضل من الأنصار ،
وهذا من حيث الجنس كل التفضيل الذي قلنا الآن من حيث الجنس ،
ثم بعد ذلك أفضل المهاجرين الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ،
ثم أفضل هؤلاء الأربعة كما قال المؤلف :
******************
147 – وليس في الأمة بالتحقيق ،

في الفضل والمعروف كالصديق ،

قوله : ( في الأمة ) : أمة محمد صلى عليه الصلاة والسلام ،
قوله : ( بالتحقيق ) : أي بالقول المحقق الذي دلت عليه النصوص في الكتاب والسنة ليس فيها في الفضل والمعروف ( كالصديق ) ،
قوله : ( بالفضل ) : الفضل : بذل الخير والإحسان من العلم والمال وغير ذلك ،
قوله : ( والمعروف ) : ضد المنكر ،
فهو جامعٌ رضي الله عنه بين العدل الذي هو المعروف وبين الفضل الذي هو الإحسان ،
ويدل لذلك : أن الله تعالى لم يصف أحداً من الصحابة بأنه صاحب رسول الله إلا أبا بكر ،
قال تعالى : { إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه إن الله معنا } ( التوبة 40 ) .
وهذه منقبة عظيمة لم ينلها إلا من هو أهلٌ لها وهو أبو بكر ، { الله أعلم حيث يجعل رسالته } ( الأنعام 124 ) .
وأعلم حيث يجعل فضله فهذا الفضل العظيم لأبي بكر لم ينله أحد .
وقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكرٍ ) ، ما قال : اتخذت فلان ولا فلان ، قال : ( لاتخذت أبا بكرٍ ولكن أخوة الإسلام ومودته ) .
وقال : ( لا يبقين في المسجد بابٌ ولا خوخة إلا سُدَّت إلا باب أبا بكر ) [5] .
وقال معلناً على المنبر : ( إن أمن الناس علي في ماله وصحبته أبو بكر ) [6] ،
أفبعد هذا يقال إن غيره أفضل منه ؟
لا والله ،
أمن الناس علي في ماله وصحبته أبو بكر مع أن المنة حقيقةً لمن ؟
للرسول عليه الصلاة والسلام يعني كون أبي بكر يكون صاحباً للرسول ولم يطرده الرسول أو يعرض عنه أو يريه وجه غضب هذا منة للرسول في الواقع لكن من كرم الرسول عليه الصلاة والسلام جعل المنة من أبي بكر عليه ،
كذلك أيضاً الصحبة المنة لمن ؟
للرسول عليه الصلاة والسلام والمنة الأولى للجميع لله عز وجل ،

ولهذا لما قال الرسول عليه الصلاة والسلام للأنصار يبين ما من الله به عليهم كلما ذكر لهم أن الله هداهم به وأغناهم به وألفهم به قالوا : الله ورسوله أمن .
إذن ليس في الأمة مثل أبي بكر رضي الله عنه في الفضل والمعروف الذي هو الإحسان والعدل وصحبة الرسول عليه الصلاة والسلام وكل شئ .
ليس فيها مثل أبي بكر .
حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم ذات يوم حث على الصدقة فانصرف الناس ليتصدقوا ، فقال عمر رضي الله عنه : الآن أسبق أبا بكر ،
انظر كيف يتسابقون فأتى بنصف ماله الله أكبر نصف ماله أتى به في الصدقة الواحد إذا أراد أن يخرج ربع العشر وهو واجب صار يحمر ويصفر ،
ويمكن يسأل العلماء لعل أحداً منهم يقول : هذا ليس فيه زكاة ،
أتى بنصف ماله فسأله الرسول عليه الصلاة والسلام ماذا تركت لأهلك ؟ قال : شطر المال ، فأتى أبو بكر بكل ماله فسأله الرسول عليه الصلاة والسلام : ماذا تركت لهم ؟ قال : تركت لهم الله ورسوله ، الله أكبر كل المال ما بقي شئ ، فقال عمر : الآن لا أسابق أبا بكرٍ أبداً [7] ،
عرف أنه عاجز أن يسبقه وعمر هو الرجل الثاني في هذه الأمة ،
إذن لا يسبق أبا بكر أحدٌ من هذه الأمة ما دام الرجل الثاني عجز عن مسابقته أو عن سبقه فمن دونه من باب أولى ،
قوله : ( كالصديق ) : هذا لقب أبي بكر رضي الله عنه ،
وكنيته : ( أبو بكر ) ،
واسمه : ( عبدالله ) ،
وإنما سمي الصديق من الفِعِّيل من الصدق :
لكمال صدقه في المقال والفعال ،
ولتصديقه لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين كذبه الناس ،

ويقال : أول ما لُقب بهذا اللقب لما حدَّث النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسراء والمعراج ، اتخذت قريشٌ هذا فرصة ، وذهبت إلى أبي بكر وقالت : إن صاحبك يحدث بحديث المجانين يزعم أنه ذهب إلى بيت المقدس ورجع منه ونحن لا نصل إليه إلا في شهر ولا نرجع إلا في شهر ، فقال : إن كان ما قلتم حقاً فهو صادق ، انظر هذا الاحتراز ، لم يقل : هو صادق ، لأنه يحتمل أنهم كذبوا على الرسول ، إن كان ما حدثتموني به فهو صادق .
فسمي من ذلك اليوم الصديق ،
ولا شك أنه أصدق هذه الأمة في المقال والفعال والمقاصد وغيرها وأنه أقواها يقيناً وتصديقاً ،
فهو رضي الله عنه ليس في هذه الأمة مثله [8] ،
لو لم يكن من حسناته على هذه الأمة إلا استخلاف عمر بن الخطاب لكفى بذلك فخراً ،
لأنه لا أحد ينكر ما صار لعمر بن الخطاب رضي الله عنه من السياسة الحكيمة والحكم العادل والفتوحات العظيمة وإذلال أهل الشرك ،
فلذلك يعتبر عمر حسنةً من حسنات أبي بكر على هذه الأمة جمعنا الله وإياكم وإياهم في دار النعيم المقيم ،
******************
148 – وبعده الفاروق من غير افتراء ،
وبعده عثمان فاترك المِرا ،

سبق لنا بيان فضل هذه الأمة ،
ثم بيان أن خير هذه الأمة القرون الثلاثة ،
ثم بيان أن خير هذه القرون الصحابة ،
ثم بيان أن خير الصحابة المهاجرون ،
ثم بيان أن خير المهاجرين الخلفاء الأربعة ،
ثم بيان أن خير الخلفاء أبو بكر رضي الله عنه ،
وذكرنا شيئاً من مناقبه وفضائله رضي الله عنه ،
ومن أراد التوسع في ذلك فليقرأ كتب التاريخ كـ ( البداية والنهاية ) لابن كثير وغيرها مما ألف على وجه الخصوص في أبي بكر رضي الله عنه ،

قوله : ( وبعده الفاروق ) : بعد أبي بكر الفاروق ، والفاروق على وزن فاعول وهو من صيغ المبالغة مأخوذٌ من الفرق ،
وسُمي بذلك لأن الله تعالى فرَّق به بين الحق والباطل ،
فإن الله سبحانه وتعالى أعز الإسلام بعمر بن الخطاب رضي الله عنه ،
وفرَّق الله تعالى به بين الحق والباطل في خلافته وقبل خلافته وجعل الله الحق على لسانه وقال فيه النبي عليه الصلاة والسلام ( إن يكن فيكم مُحدَّثون – أي ملهمون بالوحي – فعمر ) ،
وكان رضي الله عنه موفقاً للصواب حتى إنه يأتي الوحي أحياناً موافقاً لقوله واقتراحه فهو رضي الله عنه فاروق فرق الله به بين الحق والباطل ،
وكان رضي الله عنه بعد أبي بكر رضي الله عنه في الفضيلة وبعد أبي بكرٍ في الخلافة ،
وعلى هذا أجمع أهل السنة والجماعة على أن هذين الرجلين أبو بكر وعمر هما أفضل الأمة [9] ،
وأن أبا بكر أفضل من عمر ، عمر رضي الله عنه يلي أبا بكرٍ في الخلافة بتعيينٍ من أبي بكر فإنه عينه وتحمل أبو بكرٍ رضي الله عنه المسؤولية في هذه الأمة حياً وميتاً ،
لكنه رضي الله عنه أدى الأمانة وَوُفِّق فصار من فضائله على الأمة أن استخلف عمر ابن الخطاب ،
ولا يخفى على أحدٍ منصف فضل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا قرأ سيرته عمر رضي الله عنه تولى الخلافة بعد أبي بكر وقام بأعباء الخلافة خير قيام وكثرت الفتوحات على يده وصار له من الهيبة والعظمة ما خذل الله به أعداءه ومع ذلك كان متواضعاً يقبل الحق من أي شئ شخصِ كان وكان متواضعاً لا يأخذ من بيت المال إلا مثل ما يأخذه واحد من الناس ولا يعطي أحداً من أولاده إلا مثل ما يعطي واحداًَ من الناس بل ربما نَقَصَهُم وكان رضي الله عنه لم يتخذ لنفسه بوَّاباً ولا قصراً بل كان ينام في المسجد فيجمع الحصى ثم ينام عليها وِسادةً له وكان عليه رداءٌ مُرَقَّع وسيرته عجيبة لا تكاد تصدق بما يُنقل عنه ،

ولهذا أعز الله به الإسلام بعد كونه خليفة وقبل كونه خليفة وكان له هيبةٌ عظيمة ،
يُذكر أن رجلاً من اليهود في الشام كان منزله إلى جنب بيت المال ، فعرض عليه معاوية أن يشتريه منه ، قال : بِعْ علي البيت ، من أجل أن يدخله بيت المال ، فأبى اليهودي ، فأعطاه ثمناً أكثر من ثمنه ، معاوية رضي الله عنه رأى أن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة ، فأدخله في بيت المال ، وقال : خذ إذا شئت القيمة أعطيناك ، ولكن اليهودي أبى ، فقدم المدينة ، فجاء إلى عمر يبحث عن عمر ، فقيل له : تجده الآن في المسجد فذهب إلى المسجد فوجد رجلاً كأنه فقير رداءٌ مرقع نائم على بطحاء فصدَّق أو كذَّب هل هذا الخليفة الذي يكون معاوية أميراً له ، أميراً من أمرائه ، وكان معاوية رضي الله عنه باعتبار أنه في الشام وأنهم يقدسون ملوكهم وأنهم يعظمونهم ويجعلون لهم القصور قد اتخذ لنفسه مثل هذا لا حباً في الدنيا ، ولكن إقامةً للسلطة مقام السلطة الأولى حتى يهابها الناس ، لأن معاوية لو فعل مثل ما فعل عمر في المدينة وهو في الشام لم يبال الناس به فجاء إلى عمر فقص عليه القصة ، فيقال : إنه أخذ عظماً من الأرض وكتب فيه ليس كسرى بأعدل مني ووضع خطاً وفوقه خط آخر كالصليب ، وقال لليهودي : اذهب أعطه لمعاوية ، فلما جاء به إلى معاوية ، معاوية قطعاً بينه وبين عمر إشارة وهي ما يُسمى في العرف الحاضر شفرة لما رأى هذا العظم يُقال إنه وضعه على رأسه ثم قال لليهودي : ماذا تريد ؟ أتريد أن أبني لك بيتك وأعيده من جديد أم تريد أن أعطيك عشرة أمثاله أم ماذا تريد ؟ قال : وهكذا يكون خلفاؤكم وهكذا يكون أمراؤكم مع خلفاؤكم ، قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأن بيتي صدقة للمسلمين ،
سبحان الله انظر كيف العدل يعني يجعلوا الناس يستجيبون ولو كانوا كفاراً والظلم والاستئثار يجعل الناس لا يستجيبون ولو كانوا مسلمين ،

فالحاصل : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع كونه ذا سلطةٍ عظيمة وهيبةٍ عظيمة إذا جاءه الإنسان وجده كأنه وجده كأنه عادي والقصة المشهورة ،
وإن كان الحديث فيه شئٌ من النظر لما خطب الناس حين تغالوا في المهور وقال : لا يزيد أحدٌ على مهر النبي عليه الصلاة والسلام لأزواجه أو بناته إلا جعلت الزائد في بيت المال ، فقامت امرأةٌ ، فقالت : مهلاً يا أمير المؤمنين ليس ذلك إليك ، إن الله تعالى يقول : { وإن أدتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا } ( النساء 10 ) ، فأقر الله تعالى إيتاء القنطار للزوج ،
والقنطار : ألف مثقال للذهب ،
وقيل : إنه ملء جلد ثورٍِ صغير من الذهب .
كم يأتي ملء جلد الثور ؟
آلاف ،
فقال : امرأةٌ أفقه من عمر .
ثم ترك الناس ،
فالحديث هذا فيه صحته نظر لكنه مشهور عند الناس ،
وعمر رضي الله عنه يكون أكثر من ذلك تواضعاً ،
وعظ الناس يوماً من الأيام فقام إليه سلمان الفارسي وقال : يا أمير المؤمنين كيف تعطي عبدالله بن عمر ثوبين والناس لم تعطهم إلا على ثوبٍ واحد من بيت المال ؟ فقال له : قم يا عبدالله يعني رد عليه فقام فرد عليه ، فقال : إن الثوب الثاني ثوب عمر أعطاه إياه وليس زائداً على ما يعطي المسلمين ، وكان رضي الله عنه إذا أمر الناس بشيء أو نهاهم عن شئ جمع أهله وقال لهم : إن الناس ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم والطيور تنظر إلى اللحم نظر شرَه تريد أن تبتلعهم وإني قد أمرت بكذا أو نهيت عن كذا فلا أجد أحدكم يعني مخالفاً إلا أضعفت عليه العقوبة .
كل هذا من باب العدل والتخويف وإلا كان العدل أيضاًَ ألا يضعف العقوبة عليهم .
لكنه رضي الله عنه له غورٌ في الفقه قال : إن أقرباء السلطان يخالفون بسلطة قربهم منه فيتوصلون إلى المخالفة بقربهم من ولي الأمر فرأى رضي الله عنه أن هذه نوع مخالفة مع المخالفة الأصلية فيجمع عليهم بين عقوبتين ومآثره رضي الله عنه كثيرة .

وكان آخر أمره أنه سأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقه الشهادة في سبيله والموت في بلد رسوله فكان الناس يتعجبون المدينة بلد إسلام ليس فيها قتال كيف يكون يجتمع أنه شهيدٌ في سبيل الله ميتٌ في مدينة رسول الله فاستجاب الله دعوته ،
وقُتل شهيداً في بلد الرسول عليه الصلاة والسلام وهو لم يُقتل لعداءٍ شخصي لكنه لعداءٍ ديني ،
لأن القاتل له : أبو لؤلؤة المجوسي غلام المغيرة بن شعبة .
وكان رضي الله عنه عمر ينهى أن تكثر العلوج يعني هؤلاء الأرقاء من الفرس وغيرهم في المدينة ولكن كان أمر الله مفعولا .
هذا الخبيث لما قتل عمر رضي الله عنه في خنجرٍ له وجهان والإمساك بالوسط ، وكان قد سقى كل جانبٍ منه السم فلما طعن عمر وهو يصلي بالناس الفجر ، قال : أكلني الكلب ، فزع الناس فلحقوا هذا الرجل الخبيث الهارب فقتل أظن ثلاثة عشر نفراً فلما رأى أنه قد أُدرك وألقى عليه أحد الصحابة بساطاً غمّه فيه لما رأى أنه قد أدرك قتل نفسه .
فالحمد لله رب العالمين أنه قتل نفسه على هذا الوجه وهو لم يسجد لله سجدة .
فكان والعياذ بالله آخر أمره أن قتل نفسه .
والذي يظهر لنا أنه قتل نفسه على الكفر .
هذا آخر ما حصل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ،
ومن أراد المزيد من ذلك فليقرأ ما كُتب عنه في ( البداية والنهاية ) وغيرها ،
قوله : ( وبعده عثمان فاترك المِرا ) : بعد من عمر بن الخطاب رضي الله عنه الأفضل عثمان ،
قوله : ( فاترك المِرا ) : أي الجدال فإن هذا أمرٌ مفروغٌ منه ،
أن عثمان : هو الثالث في الخلافة والفضيلة ،
وإنما قال : ( فاترك المِرا ) : لكثرة الجدال فيه وفي علي بن أبي طالب أيهما أفضل ؟
حتى إن بعض علماء السنة قالوا : علي بن أبي طالب أفضل من عثمان ،
فجعلوه في المرتبة الثالثة في الفضيلة وعثمان في المرتبة الرابعة ،
ومنهم من قال : أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم سكت ،
ومنهم من أخذ بما مشى عليه المؤلف :
وهو أن الأفضل عثمان ثم علي ،

قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( وهذا هو الذي استقر عليه أمر أهل السنة والجماعة أن ترتيبهم في الفضيلة كترتيبهم في الخلافة ) [10] ،
عثمان رضي الله عنه تولى الخلافة لا بنصٍ من عمر وتعيين ولا باجتهادٍ من الرعية ،
فتوليه للخلافة أمرٌ غريب لم يكن معروفاً ،
لأن عمر لما طُعن وقيل له : استخلف على الأمة ، قال : إن استخلف فقد استخلف من هو خيرٌ مني يعني أبا بكر وإن لم استخلف فقد ترك من هو خيرٌ مني يعني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال لو كان أبو عبيدة حياً لاستخلفته أبو عبيدة عامر بن الجراح ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنه أمين هذه الأمة ) [11] ،
سبحان الله لا ينظرون إلى شرف قبيلة ولا إلى سيادة ذي قوم ينظرون إلى المعاني الشرعية .
فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( أمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح ) .
قال عمر : لو كان حياً لاستخلفته [12] .
ولكنه مات قبل عمر ثم جعل الأمر شورى بين الستة الذين تُوفي عنهم النبي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ ،
فلما تُوفي جلس هؤلاء للتشاور واستقر الأمر على عثمان وكان أكثر أهل المدينة يختارون عثمان ،
فبويع عثمان بالخلافة مبايعة شرعية بايعه عليها علي بن أبي طالب وبقية أصحاب الشورى وغيرهم ،
وأجمعت الأمة على ذلك وصار الخليفة الثالث بإجماع المسلمين [13] ،
ولهذا قال الإمام أحمد : ( من طعن في خلافة واحدٍ من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله ) [14] ،
أما الرافضة فقد طعنت في خلافة الجميع إلا علي بن أبي طالب ،
فَضَلَّتْ بهذا عن الأمة وعن الحق بل وبما مشى عليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ،
فإنه بايع أبا بكر وعمر وعثمان اختياراً لا اضطراراً ،
والعجب أن غلاة الرافضة قالوا : إن علياً فاسق لماذا يرضى بالظلم ؟‍‍‍‍ فكونه رضي بالظلم وبايع هذه مداهنة والمداهنة في الحق ضلالٌ وفسق ،
فأتعجب كيف وصل بهم الحال إلى هذا السفه ؟

والمنصف من يعرف منهم أنه على ضلال ،
هم يقولون : نحن شيعة .
وهؤلاء أهل السنة .
وأيهما أولى بالحق أهل السنة أو الشيعة المتعصبين لأشخاصٍ معينين ؟
كلٌّ يعرف أن أهل السنة هم الذين على الحق لأنهم على سنة ،
وكونهم يقولون : هؤلاء أهل السنة ونحن شيعة اعترافٌ منهم بأنهم ليسوا على سنة
وإذا كان كذلك فيقال : اتقوا الله ارجعوا إلى السنة ، ما دام تعترفون بأن هؤلاء أهل سنة وأنتم شيعة ،
ثم نقول : من أحق الناس تشيعاً لآل البيت من ؟
أهل السنة نحن نحب آل البيت المؤمنين منهم :
لكونهم مؤمنين ،
ولكونهم من قرابة الرسول عليه الصلاة والسلام ،
ونفضلهم على غيرهم بهذا المعنى ، لكن لا نعطيهم الفضل المطلق ، بل ننزلهم منزلتهم ،
وهم أعني آل البيت يرضون بهذا غاية الرضا ،
وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو إمام أهل البيت كان رضي الله عنه يقول على منبر الكوفة يعلن : ( خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ) [15] ، وأحياناً ( ثم عثمان ) وأحياناً يسكت ،
فعلى هذا نقول : إن عثمان رضي الله عنه يلي عمر بن الخطاب في الفضيلة فهو الثالث في الفضل في هذه الأمة وهو الثالث في الخلافة من هذه الأمة ،
ومن أنكر ذلك بالنسبة للخلافة فيقول الإمام احمد : إنه أضل من حمار أهله ،
وقال : إنه أضل من الحمار لأن الحمار من أبلد الحيوانات ،
ولهذا مثَّل الله اليهود بالحمار : { مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها } ( الجمعة 5 ) ، قال : {كمقل الحمار يحمل أسفارا } .
إذا حمَّلت على الحمار المغني والمجموع شرح المهذب والإنصاف وتفسير ابن كثير وفتح الباري ثم رجعت للحمار وقال ماذا قال في فتح الباري ماذا يقول ؟
يوفيك نهيقاً ،
فعلى كل حال الحمار أبلد الحيوانات وأدل الحيوانات بالنسبة لمكان مبيته ،

وسألت مرةً الشيخ عبدالرزاق العفيفي رضي الله عنه وعافاه قال : إنما كان الحمار أدل ما يكون إلى مأواه ومبيته لأنه بليد لا يشغل مخه شئٌ من التفكير فيكون معتمداً على المظاهر الخارجية لأنه ذهنه لا يفكر في مخه ،
وهذه مناسبة غريبة لذلك تجد الإنسان الذي معه سائق لا يذهب بالسيارة إلا بسائق ولا يجيء إلا بسائق لا يعرف الأسواق ولا يعرف البيوت لو يتردد عليها عشر مرات والسائق يعرفها من أول من مرة لأنه قد وضع ذهنه لهذا الشيء الحمار ليس عنده إلا المأوى والمبيت والأكل والشرب وأما غيره فليس عنده تفكير ،
فالحاصل أن نقول الإمام أحمد يقول : ( من طعن في خلافة واحدٍ من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله ) [16] ،
قال ذلك لماذا ؟
لأن أبلد ما يكون من الحبوانات الحمار ،
******************
149 – وبعد فالفضل حقيقاً فاسمعِ ،
مني نظامي للبطين الأنزع ،

قوله : ( وبعد ) : أي بعد الثلاثة الخلفاء الراشدين أبي بكرٍ وعمر وعثمان بعد ذلك ،
قوله : ( فالفضل حقيقاً ) : أي حقيقةً
أو ( حقيقاً ) بمعنى جديراً ، كما في قوله تعالى : { حقيق علي أن لا أقول على الله إلا الحق } ( الأعراف 105 ) ، فهي صالحة لهذا وهذا ،
قوله : ( فاسمع نظامي هذا ) : وأمر بسماع النظام للتأكيد والتنبيه ،
قوله : ( للبطِين ) : خبر قوله : ( فالفضل ) أي فالفضل كائنٌ للبطين الأنزع ،
البطين يعني واسع البطن ،
قوله : ( الأنزع ) : الذي انحسر شعره مقدم رأسه هذا الأنزع ،
والبطين ضده الضامر الذي بطنه ليس واسعاً ،
والأنزع ضده الأفرع الذي نزل شعر رأسه إلى جبهته ،
إذن وصف هذا المذكور بوصفين :
الأول : بأنه بطين .
والثاني : أنه أنزع .

وهل أراد المؤلف رحمه الله الذم أو أراد التعريف ؟
الثاني قطعاً ،
أراد التعريف لأنه لا يريد أن يذم علي بن أبي طالب رضي الله عنه بهذا الوصف أراد أن يعرِّفه وكان رضي الله عنه بطيناً أي واسع البطن وقد عُلم بهذا الوصف ،
الأنزع أي كان منحسر شعر الرأس من الأمام ،
وهذا لا يدل على شئ إنما هو خِلقة ويكون عند الكبر كثيراً كما هو معروف مشاهد ،
******************
150 – مجدِّل الأبطال ماضي العزم ،

مفرِّج الأوجال وافي الحزم ،

قوله : ( مجدِّل الأبطال ) : التجديل معناه أنه يوقعهم صرعى والأبطال جمع بطل وهم الشجعان ،
قوله : ( ماضي العزم ) : يعني أنه ذو عزيمةٍ ماضية لا ينثني ، كم هذا من وصف ؟ أربعة ،
قوله : ( مفرج الأوجال ) : ( الأوجال ) : جمع : ( وجل ) : وهو الخوف .
يعني أنه يفرج الخوف من شجاعته رضي الله عنه ولا شك أنه من أشجع الناس .
قوله : ( وافي الحزم ) : يعني أنه ذو حزمٍ وافي أي كامل وهذه ستة أوصاف ،
******************
151 – مسدي الندي مبدي الهدى مردي العدى ،
مُجْلي الصدى يا ويل من فيه اعتدى ،
قوله : ( وافي الندى ) : وافيه أي كامله ،
قوله : ( مبدي الهدى ) : مظهر الهدى وهو العلم ،
وقد اشتهر علي بن أبي طالب رضي الله عنه بسعة علمه وذكائه ،
قوله : ( مردي العدى ) : مردي أي مهلك ،
كما قال تعالى : { وما يغني عنه ماله وما تردى } ( الليل 11 ) ، أي إذا هلك ،
و ( العدى ) جمع عدو ، هذه ثلاثة أوصاف بالإضافة إلى ما سبق تكون تسعة أوصاف ،
قوله : ( مجلي الصدى ) : مجلي أي مذهب والصدى في الأصل هو الوسخ الذي يكون على الحديد لطول مكثه أو لكونه حول الماء فهذا يجلوه ويزيله ،

قوله : ( يا ويل ) : ( يا ) هذه للندبة ( ويل ) الهلاك ،
قوله : ( من فيه اعتدى ) : أي من اعتدى في عليٍّ بن أبي طالب رضي الله عنه ،
ويريد بذلك الوعيد على من اعتدى في حق علي بن أبي طالب بإفراط أو تفريط ، كلاهما يا ويلهما ،
فالذين في حقه الإفراط هم الرافضة ،
والذين اعتدوا بحقه في التفريط هم الناصبة النواصب ،
لأنه هلك في علي بن أبي طالب طائفتان :
1 - طائفةٌ غلت ،
2 - وطائفةٌ فرّطت ،
الطائفة التي غلت غلوا فيه حتى جعلوه إلهاً حتى إنهم صرحوا بذلك ،
قال عبدالله بن سبأ وشيعته لعلي بن أبى طالب صراحةً ومقابلة ، قال له : أنت الله حقاً ،
وهو خبيث يهودي دخل في دين الإسلام ظاهراً ليفسده ،
كما قال شيخ الإسلام رحمه الله كما ظهر بولس في دين النصارى وتنصر ظاهراً من أجل أن يفسد دين النصارى هذا الخبيث عبدالله بن سبأ يهودي ماكر دخل في دين الإسلام على أنه مسلم [17] ،
لكن أتى إلى علي بن أبي طالب ، وقال له : أنت الله أين الإسلام فأمره رضي الله عنه لشدة ما جرى أمر بالأخدود فحُفرت ثم أمر بالحطب فجُمع في هذا الأخدود ، ثم أمر بعبدالله بن سبأ وشيعته أن يُلقوا في هذه النار بعد أن أضرم فيها النار فأُحرقوا ،
ويقال : أن عبدالله بن سبأ هرب وذهب إلى مصر وبث دعوته فيها ، ثم إلى العراق ، ثم إلى فارس انتشرت الدعوة ،
هؤلاء اعتدوا في علي بن أبي طالب بماذا ؟
بالإفراط وزيادة الحد ،
قسمٌ آخر قابلوهم لأن العادة أنه إذا وُجد غلوٌ في جانب وجد فيه تطرفٌ آخر من أجل ضد هذا الغلو فيه أناس بالعكس صاروا نواصب نصبوا العداوة لآل البيت وعلى رأسهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وجعلوا يسبونهم ويلعنونهم والعياذ بالله هؤلاء أيضاً اعتدوا في حق آل البيت فيا ويل الطرفين هؤلاء وهؤلاء ،
وأيهم أشد ضرراً على الإسلام المفرِّط أو المفرِط ؟
المفرِط أشد ضرراً على الإسلام ،

لأن المفرط تعدى طوره كثيراً حتى جعل علي بن أبي طالب إلهاً وجعل من أئمة أهل البيت من يعلم الغيب ويدبِّر الكون ،
حتى سمعنا من أشرطتهم من يقول : إن جميع الكون تحت ظُفر فلان يدبره حيث يشاء تحت الظفر جعله وسخاً من أوساخ الأظفار ،
نسأل الله العافية ،
كل الكون هذا أشد وهذا في الحقيقة يصوغونه بصيغة عاطفية حتى في أداء شعائرهم التي يترنمون بها من الدعاء لآل البيت والدعوة لهم تجدهم يترنمون بصوتٍ حزين يشد العاطفة ،
أما الذين ينصبون العداوة لآل البيت فمن يطيعهم ؟!!
من يطيع من يسب علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟!!
كل الناس ينفرون مما ذهبوا إليه ،
لكن هؤلاء من حيث أنهم يخاطبون العاطفة صار ضررهم على الناس أكثر بكثير ،
ولهذا لو قارنت بين النواصب والروافض من حيث العدد لوجدت أن النواصب لا ينصبون إلى الروافض ،
فإن قال قائل : لماذا أطنب المؤلف رحمه الله في وصف علي بن أبي طالب دون الثلاثة الأولين وهم أفضل منه ؟
فالجواب : أنه أطنب في ذلك لسببين :
السبب الأول : الرد على النواصب ،
ما هو موقف النواصب ؟
السب لعلي بن أبي طالب فأراد أن يمدحه أو أن يصفه وهو يثني عليه بما هو أهله رداًّ على هؤلاء النواصب ،
ثانياً : الرد على الروافض ، كأنه قال علي بن أبي طالب مع هذه الأوصاف الكريمة والآداب العالية والشجاعة التامة لا يستحق أن يترقى إلى المكان الذي رقاَّه إليه هؤلاء الرافضة ،
فصار في إطنابه في مدحه صار فيه فائدتان :
الأولى : الرد على النواصب ،
والثانية : الرد على الروافض ،
يعني أننا أيها الروافض نقر بفضله وأنه فيه من الفضل كذا وكذا وكذا لكننا لا ننزِّله فوق منزلته كما فعلتم أنتم ،
فهذا هو السبب في أنه رحمه الله أطنب في ذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه ،
******************
152 – فحبه كحبهم حتماً وجب ،

ومن تعدى أو قلى فقد كذب ،

قوله : ( فحبه ) : أي حب علي بن أبي طالب ،
قوله : ( كحبهم ) : أي كحب الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان ،
قوله : ( حتماً وجب ) : أي وجب حتماً ،
أي وجوباً حتماًَ مؤكَّداً ،
ونشهد الله عز وجل على محبتهم ونشهد الله على محبة إمامنا وإمامهم محمد ٌصلى الله عليه وسلم ،
فالمحبة أولاً وآخراً كلها ، لمن ؟
للرسول ،
ونحن لم نحب هؤلاء إلا بمحبة الرسول عليه الصلاة والسلام ،
وإلا لكانوا من رجالات قريش وليس لهم فضل ،
لكن لمحبة الرسول لهم كنا نحبهم ،
ثم إن محبتنا للرسول أيضاً تابعة لمحبة الله ،
لأن المحبة الأولى والأخيرة والنهاية والبداية كلها لله عز وجل ،
خلافاً لمن كانوا الآن يحبون الرسول أكثر من محبة الله ،
إذا ذُكر الرسول عندهم بكوا وتهامنت الدموع ،
وإذا ذُكر الله فالوجه هو الوجه لا يتغير ولا بكاء ،
نسأل الله العافية والسلامة سبحان الله ،
الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان له هذا الشرف إلا لأنه رسول الله ولأن الله يحبه ،
وإلا لكان بشراً عادياً لا يُحب ولا يُكره إلا بما فيه من الخير أو الشر ،
لكننا نحب الرسول صلى الله عليه وسلم لمحبتنا لله الذي أرسله ،
ونحب الخلفاء الراشدين لمحبتهم للرسول عليه الصلاة والسلام ولمحبتنا للرسول وهم خلفاؤه ،
حب علي بن أبي طالب كحب الثلاثة السابقين واجبٌ حتماً يجب علينا أن نحبه ،
فإذا قال قائل : المحبة وصفٌ فطري نفسي لا يملكه الإنسان ولهذا يُذكر عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : ( هذا قَسْمي فيما أملك فلا تملني فيما لا أملك ) يعني المحبة ، هل يمكن لإنسان أن يجعل في قلبه محبة إنسانٍ يبغضه ؟
لا ، لكن يمكن أن تنال المحبة بالكسب بأن تذكر صفات الكمال في هذا الرجل .
فإذا ذكرت أوصاف الكمال واعتقدتها ثبوتها فيه فإن النفوس تميل بلا شك إلى الكمال وتحبه ،

ولهذا جاء في الحديث : ( أحبوا الله لما يغدوكم به من النعم ) ،
يعني على الأقل اذكر نعم الله عليك فأحبه لذلك ،
لأنك لو أن أحداً مَنَّ عليك بمنة هل تحبه ؟
( تهادوا تحابوا ) [18] ،
وهذا شيءٌ مجرب ،
فمعلومٌ أن الإنسان لا يمكن أن يقع في قلبه محبة إلا لسببٍ ظاهر يحمله على المحبة ،
فإذا الأمر كان كذلك ،
فاذكر ما كان للنبي عليه الصلاة والسلام وما للخلفاء الراشدين وما لغيرهم من عباد الله ،
اذكر ما لهم من الصفات الحميدة والخصال الطيبة ،
وحينئذٍ لا بد أن تحبهم ،
ولهذا أحياناً يجمع الإنسان في قلبه بين محبة شخصٍ وكراهته سبحان الله بين محبته وكراهته ،
المحبة والكراهة ضدان لا يجتمعان ؟!!!
فيقال : بل يجتمعان ،
يكون في الإنسان خير ويكون فيه شر ،
الإنسان يحبه لخيره ويكرهه لشره ،
ثم إذا كان منصفاً عمل بأقوى الجانبين إن غلب خيره على شره غلبت محبته على كراهته واغتفر شره بجانب الخير ،
ولهذا قال ابن رجب قولاً حكيماً صحيحاً يقول في أول قواعد الفقه : ( يأبى الله العصمة لكتابٍ غير كتابه والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه ) [19] ،
فنحن إذا نظرنا إلى ما للصحابة رضي الله عنه من الفضائل والسَّبْق أحببناهم فنحن نحب الخلفاء الأربعة كلهم كما يجب علينا أن نحب بقية الصحابة لكن لكلٍ درجاتٌ مما عملوا ،
قوله : ( ومن تعدى ) : مثل الرافضة ،
قوله : ( أو قلى ) : كالنواصب ،
قوله : ( فقد كذب ) : نعم صدق فقد كذب واعتدى لا شك أن من تعدى في حق هؤلاء وتجاوز الحد فقد كذب ومن قلى وأبغض فقد كذب ،
إذن الرافضة مخطئون من الجانبين تعدوا في علي وقلوا في بقية الخلفاء ،
فجمعوا بين الشرَّين وبين الفسادين :
1 - غلو زائد في علي بن أبي طالب ،
2 - تفريطٌ زائد في حق الخلفاء الراشدين الثلاثة ،

حتى إن بعضهم والعياذ بالله يلعن أبا بكر وعمر صراحةً ويقول إنهما ظالمان وإنهما ممن يذاد عن حوض الرسول يوم القيامة قاتلهم الله كيف يُذاد رجلان دُفِنا إلى جنب الرسول عليه الصلاة والسلام ولم تحصل هذه الفضيلة لأحدٍ سواهما أبداً ولهذا كانا رفيقيه في الدنيا ورفيقيه في القبر في البرزخ وسيكونان رفيقيه يوم القيامة رضي الله عنهما وأرضاهما ،
******************
153 – وبعد فالأفضل باقي العشرة ،
فأهل بدر ثم أهل الشجرة ،

قوله : ( وبعد ) : أي بعد الخلفاء الأربعة ،
قوله : ( فالأفضل باقي العشرة ) : وهم ستة ،
قوله : ( باقي العشرة ) : إذا أخذنا الخلفاء الأربعة ،
فالباقي كم ؟
ستة ،
هؤلاء العشرة هم المبشرون بالجنة أطلق عليهم هذا اللقب .
لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكرهم في نسق واحد في حديث واحد .
فقال : ( أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وسعيد بن زيد في الجنة ) [20] ،
وقد جُمِعوا في بيت [21] :
سعيد وسعد وابن عوف وطلحة .
وعامر فهرٍ والزبير الممدح [22] .

خذ الخلفاء الأربعة .
وهؤلاء ستة في البيت سعيد وسعد وابن عوف وطلحة وعامر فهرٍ والزبير الممدح .
هؤلاء ستة مع الأربعة .
الجميع عشرة .
عدهم النبي عليه الصلاة والسلام في نسق واحد في حديث واحد قال : هؤلاء في الجنة .
سعيد بن زيد بن نفيل وسعد بن أبي وقاص وعبدالرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله وعامر بن الجراح أبو عبيدة والزبير بن العوام هؤلاء ستة مع الأربعة كلهم بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة أخبر أنهم في الجنة وهذا بشرى لهم ،

ويجب علينا أن نقول : أن هؤلاء أفضل الصحابة لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمعهم في نسقٍ واحد في حديثٍ واحد ،
وهل اقتصرت شهادة النبي صلى الله عليه وسلم لأحد بالجنة على هؤلاء ؟
لا ،
شهد لأناس كثيرين غير هؤلاء ،
عكاشة بن محصن شهد له بأنه يدخل الجنة بلا حساب ولا عذاب لأنه لما حدًّث النبي عليه الصلاة والسلام أن من أمته سبعين ألفا يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب قام عكاشة وقال أدعو الله أن يجعلني منهم قال : ( أنت منهم ) [23] ،
وثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه قال له النبي عليه الصلاة والسلام : يحيا سعيداً ويقتل شهيداً ويدخل الجنة [24] .
وكذلك المرأة التي تصرع ، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام : ( إن شئت دعوت الله لكِ وإن شئت صبرتِ ولك الجنة ) ، فقالت : أصبر [25] ،
وتتبع هذا إذا تتبعه الإنسان يتبين له أُناسٌ كثيرون ممن شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة ،
والشهادة بالجنة نوعان :
1 - شهادةٌ بوصف ،
2 - وشهادةٌ بشخص ،
فأما الشهادة بالوصف : فأن نشهد لكل مؤمن بأنه في الجنة على سبيل العموم ،
وأما الشهادة بالشخص : فأن نشهد لشخص بعينه بأنه من أهل الجنة ،
وكلاهما أو وكلتاهما أي الشهادتان قد دل عليها الكتاب والسنة ،
فمثلاً : بيَّن الله تعالى في القرآن أن الجنة أعدت للمتقين فنشهد لكل متقي أنه في الجنة ،
لكن هل نشهد لفلان أنه في الجنة إذا رأيناه تقياً ؟
لا ، لاحتمال أنْ يرد عليه في آخر عمره أشياء تصرفه عن التقوى فلا نشهد بالجنة بالتعيين إلا لمن عينه الرسول صلى الله عليه وسلم ،
ولا نشهد بالوصف إلا لمن شهد له الله ورسوله والشهادة بالوصف لا تجوِّز الشهادة بالعين ،
فمثلاً نقول : كل مؤمن فإنه في الجنة كل تقي في الجنة ،
لكن هل نشهد بأن فلان المعين في الجنة ؟
لا ، كذلك أيضاً في الشهادة كل من قتل في سبيل الله فهو شهيد ،
لكن لو رأينا رجلا مسلما قتل في المعركة هل نقول إنه شهيد ؟

لا ، لأننا لو قلنا بأنه شهيد للزم من ذلك أن نشهد له بالجنة وهذا لا يجوز
وقال شيخ الإسلام رحمه الله : من أجمعت الأمة أو كادت أن تجمع على الثناء عليه فإننا نشهد له بالجنة [26] ،
واستدل لذلك : بقوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } ( البقرة 143 ) .
فإنه قد مرت جنازة والنبي صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه ، فأثنوا عليها خيرا ، فقال : ( وجبت ) ثم مرت أخرى فأثنوا عليها شرا ، فقال : ( وجبت ) فقالوا : يا رسول الله ، ما وجبت ؟ قال : مرت الجنازة الأولى فأثنيتم عليها خيراً ، فقلت : ( وجبت أي وجبت له الجنة والثانية أثنيتم عليها شراَّ ، فقلت : وجبت أي وجبت له النار أنتم شهداء الله في أرضه ) [27] ،
وعلى رأي شيخ الإسلام رحمه الله يجوز أن نشهد للإمام أحمد بأنه من أهل الجنة لاتفاق الناس أو جملتهم عليه وكذلك بقية الأئمة وأئمة الأتباع لأنهم ممن اتفق الناس أو جلهم على الثناء عليهم ،
قوله : ( فأهل بدر ) : بعد العشرة أهل بدر والعشرة من أهل بدر ،
يعني لا يمتنع أن يكون في الإنسان وصفان أهل بدر هم الذين قاتلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بدر ،
وكانت غزوة بدر في السنة الثانية من الهجرة في رمضان ،
وكان سببها : أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع بعيرٍ لقريش جاءت من الشام تريد مكة وهي لا بد أن تمر بالمدينة أو حولها فندب أصحابه إلى الخروج لهذه العير لأخذها فانتدب منهم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فقط على سبعين بعير وفرسين ، ثلاثمائة وبضعة عشر رجل على سبعين بعيراً إذا لا بد من تعاقب وفرسين فقط وكانوا لا يريدون الغزو ولا فكروا أن يكون هناك غزو إنما أرادوا عير قريش مع أبي سفيان وهي عيرٌ كبيرة يعني إبل محملة بالطعام والثياب وغيرها ولهذا كان معها أبو سفيان من كبراء قريش فلولا أنها عيرٌ كبيرة لم يكن معها هذا زعيم ،

فإذا قال قائل : كيف يجوز للرسول صلى الله عليه وسلم أن يخرج ليأخذ أموالهم ؟
نقول : إذا أخذ أموالهم فليست بشيء بالنسبة لإخراج الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من ديارهم هؤلاء أخرجوا الرسول من ديارهم وأموالهم والرسول أراد أن يأخذ أموالهم فقط وهي من الأنفال التي نفلها الله عز وجل : { قل الأنفال وللرسول } ( الأنفال 1 ) ، لما سمع أبو سفيان بالخبر وأن الرسول خرج هو وأصحابه إليهم وكان رجلاً ذكياً عدل عن الطريق إلى سيف البحر وأرسل إلى أهل مكة يستصرخهم لا للقتال ولكن لإنقاذ العير فقط وظن أنهم سيرسلون فلان وفلان من عامة الناس لإنقاذ العير ويرجعون ولكن قريش أخذتهم الحمية وقالوا كيف محمد يتعرض لعيرنا بقيادة زعيمٍ من زعمائنا ؟ لابد أن نخرج نقضي عليه المهم تشاوروا في ما بينهم وفي النهاية أجمعوا على أن يخرجوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام بكبرائهم ( خرج بطراً ورئاء الناس ) بحدِّهم وحديدهم وخيلهم ورجلهم وزعمائهم ومن دونهم فجاءوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فلما كانوا في أثناء الطريق تشاوروا في ما بينهم هل نمضي أو نرجع ؟ فكان أبو جهل يلمزهم في هذا يعني كيف تفكرون بالرجوع وقد خرجتم والله لا نرجع حتى نقدم بدراً ونقيم فيها ثلاثاً ننحر الجزور ونسقي الخمور وتعزف علينا القيان وتسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا أبدا انظر فخر بطر ولكن الحمد لله لم تنحر الجزور ولكن نُحِرَ هو لله الحمد قدموا بدراً وتلاقى الصفان وترائى الجمعان وحصل ما حصل وبُنيَ للرسول صلى الله عليه وسلم عريش يدخل فيه يدعو الله سبحانه وتعالى بالنصر ،
لأنه إذا استنفذنا قوتنا المادية والحسية لم يبقى لنا إلا الدعاء ، الدعاء مع القوة المادية والحسية وعدم استعمالها هذا خطأ ،

لكن الدعاء عند العجز هذا واجب وإن جمعت بينهما فخير لكن قام يدعوا الله عز وجل ثم ماذا كان الأمر ؟ قال الله تعالى : { إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان } ( الأنفال 11 ) ، فنفرت الملائكة ونزلت تقاتل تثبت المؤمنين وتلقي في قلوب الكفار الرعب فهربوا وقُتل منهم سبعون رجلا وأُسر سبعون رجلا وكان ممن قتل هذا الزعيم الذي يقول إننا لن نرجع حتى نقدم بدراً وآخر ما قال : وتسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا أبداً ، لكن العرب سمعت بهم فنزلت مرتبتهم عند العرب ،
وقد سبق لنا أن الخلفاء الأربعة هم أفضل الصحابة وأن أفضلهم أبو بكر رضي الله عنه وأن ترتيبهم في الأفضلية كترتيبهم في الخلافة ،
أي أن علماء أهل السنة اختلفوا في أمر عثمان وعلي :
1 - فبعضهم رتب فضلهما على الخلافة ،
2 - وبعضهم قدم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ،
3 - وبعضهم ذكر عثمان ثم سكت ،
4 - وبعضهم توقف ،
وأن الذي استقر عليه أمر أهل السنة والجماعة : تقديم عثمان على علي رضي الله عنه ، وهذا هو ندين الله به ،
ومع ذلك فإننا نحب علي بن أبي طالب من وجه آخر ونقدمه من وجه آخر ،
وهو قرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،
ولكن الفضل لكن في خصيصةٍ واحد لا يعني الفضل المطلق بعد الأربعة الأفضل العشرة المبشرون بالجنة والمبشرون بالجنة أكثر من عشرة ،
لكن هؤلاء عشرةٌ ذكرهم النبي صلى عليه وآله وسلم في نسقٍ واحد بعد هؤلاء أهل بدر ،
وسبق ذكر قصة بدر وسببها ونتيجتها نتيجتها النتيجة العظيمة حتى سمى الله تعالى يومها يوم الفرقان ،
قوله : ( ثم من أهل الشجرة ) : بعد أهل بدر أهل الشجرة ،
( أل ) هنا للعهد الذهني أي الشجرة التي بايع تحتها الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه ،

وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في ذي القعدة ومعه نحو ألفٍ وأربعمائة رجل خرج قاصداً البيت للعمرة ومعه البُدْن قد ساقها عليه الصلاة والسلام تعظيماً لله عز وجل وللبيت الحرام فلما وصل إلى الحديبية وهي مكانٌ بعضها من الحل وبعضها من الحرم صده المشركون وقالوا : لا يمكن أن تدخل علينا مكة ، نؤخذ ضغطة لا يمكن ،
وهذا من حمية الجاهلية لأن قريشاً لا تمنع أي واحد من الحج أو من العمرة بل ترحب به لأنه يفيدها اقتصادياً لكن محمداً صلى الله عليه وآله يسلم وهو أولى الناس بالبيت هو ومن معه هو الذي يُصد ،
إذن حمية علم أم حمية جهل ؟
حمية جهل فمنعوه وجرت وبينهم وبينه مراسلات فبايع النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه تحت هذه الشجرة على ألا يفروا أبداً وأراد صلى الله عليه وسلم أن يناجز قريشاً ويدخل مكة عنوة ولكن الله عز وجل له حكمة بالغة ،
قتل الرسول ممنوع في كل قانون ،
الرسول الذين يكون بين متحاربين لا يمكن أن يُقتل حتى في الجاهلية ممنوع فقال إن كانوا قتلوه لأناجزنهم فبايع أصحابه وكان عليه الصلاة والسلام يبايعهم على ألا يفروا وقد قال الله في هذه البيعة المباركة ، { إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم } ( الفتح 10 ) .
فصرَّح أن مبايعتهم للرسول مبايعةٌ لله وأن الرسول نائبٌ عن الله في ذلك يد الله وهي الرسول فوق أيديهم لكن لما كانت يد رسوله كانت كيده على أحد القولين في الآية ،
فالرسول صلى الله عليه وسلم بايع وقد قال الله في هذه البيعة : { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرةفعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا عظيما } ( الفتح 18 ) .
والفتح القريب هو الصلح الذي جرى بين الرسول صلي الله عليه وسلم وبين قريش ،
وقد يقول إنسان كيف كان فتحاً مع أن ظاهره أنه هضمٌ للمسلمين ؟

قلنا : كانت فتحاً لأن الناس بدءوا يأتي بعضهم إلى بعض من مكة إلى المدينة ومن المدينة إلى مكة لأجل العهد الذي بينهم فكان فتحاً مبيناً والشيء الذي خُشي عليه أن يكون ضغطاً على المسلمين زال ولله الحمد في قصة من ؟
أبي بصير رضي الله عنه ومن خرج إلى مكة ، لما جاء أبو بصير إلى المدينة فاراً من أهل مكة ألحقوا به رجلين ، تعصب ، وإلا لكانوا قالوا : رجلٌ ذهب دعوه يمشي فألحقوا به رجلين يطلبانه لما وصل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وإذا الرجلان قد وصلا إلى خلفه فقالا : يا محمد العهد أن من جاء منا إليك فإنك ترده إلينا فلما رده إليهم خرجوا من المدينة وجلسوا يتغدون الثلاثة أبو بصير ورجلا قريش وكان أبو بصير قوياً فقال لأحدهم أعطني سيفك إنه سيفٌ جيد وقام يمدحه قام يمدح هذا السيف قال نعم إنه جيد وكم قرعت به من رأس أكملوا فأعطاه السيف فسلَّه أبو بصير وجبَّ به رقبته والثاني هرب إلى المدينة فاراًّ ولحقه أبو بصير فجاء إلى الرسول مذعوراً وقال إن صاحبي قُتل يعني وأنا أخاف على نفسي فقال الرسول عليه الصلاة والسلام : ويل أمه يعنى أبا بصير مسعر حرب لو يجد من ينصره فعرف أن الرسول سوف لن ينصره وسيسلمه مرة ثانية فخرج من المدينة وجلس الصراط لعير قريش قعد الصراط لهم كلما جاءت عير هجم عليها وأخذ منها ما شاء الله فعلم بعض الصحابة الذين في مكة بخبره فخرجوا إليه فكانوا عصابة فأخافوا السبيل وأرسلت قريش إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقالت كلاما معناه خلصنا منه نحن ألغينا عهد الذي بيننا وبينك فيها فرجع أبو بصير ومن معه إلى المدينة واستتب الأمن [28] ولله الحمد وأما العهد الذي كانت مدته عشر سنين فإن قريشاً نقضته حيث أعانت حلفاءها على حلفاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحينئذ أنتقض العهد فلم يكن بينهم وبين الرسول عهد فغزاهم وبهذا صار هذا الصلح صار فتحاً مبيناً [29] ،

{ لا يستوي منكم أنفق قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى } ( الحديد 10 ) ، والمراد بالفتح هنا صلح الحديبية ،
هؤلاء أهل الشجرة ، هذه الشجرة بقيت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام إلى عهد أبي بكر وهي باقية فلما كان عمر سمع أن قوماً يترددون إليها إلى هذه الشجرة فحماية لحمى التوحيد أمر رضي الله عنه بقطعها أرأيتم لو بقيت ؟
لكانت ذات أنواط أو أشد لكان يعبدها الناس ،
والناس الآن أكثرهم همج لكن من بركات عمر بن الخطاب على هذه الأمة أن قطع دابر الشرك قطعها وأخفى موضعها حتى أخفيت الله الحمد ولم يعرف مكانها حتى الآن ،
******************
154 – وقيل : أهل أحد المقدِّمِة ،
والأول أولى للنصوص المحكمة ،

يعني بعد أهل بدر أهل أحد ،
قال بعض العلماء : أن أهل أحد مقدمون على أهل بيعة الرضوان ،
ومن المعلوم أن من الصحابة من كان من أهل بدر ومن العشرة ومن أهل بيعة الرضوان ومن أهل أحد يعني بعض الصحابة اجتمعت لهم الأوصاف الأربعة وبعضهم لا ،
إذا قلنا : إن أهل أحد مقدمون على أهل بيعة الرضوان ، أيهم أكثر ؟
أهل بيعة الرضوان لأن أهل بيعة الرضوان ألف وأربع مائة وأهل أحد نحو سبع مائة نفر لكن أصابهم من البلاء والتمحيص والقتل ما لم يكن في بيعة الرضوان ،
لهذا رجَّح بعض العلماء أهل أحد على أهل بيعة الرضوان ،
ولكن الذي يظهر القول الأول : أن أهل بيعة الرضوان أفضل ،

لأن أهل بيعة الرضوان استحقوا الرضا ، { لقد رضي الله عن المؤمنين } ( الفتح 18 ) .
أما أهل أحد فاستحقوا العفو ،
وفرق بين هذا وهذا قال الله تعالى : { ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على العالمين } ( الحج 52 ) .
ففرق بين من استحق وصف العفو وبين من استحق وصف الرضوان أيهما أكمل ؟
الثاني أكمل ،



 توقيع : شيخة رواية

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
الصحابة, الكرام

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دروس وعبر من سير الصحابة الكرام (1) نسر الشام ۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩ 17 09-21-2024 03:09 PM
الصحابة الكرام في سطور من نور ( علي بن أبي طالب ) نسر الشام ۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩ 21 09-09-2024 09:49 PM
عظماء الصحابة، مجموعة من قصص الصحابة الكرام في مقطع واحد (مقطع مجمع) شيخة رواية ⁂ التّـراث والشّخصيِات التاريخيـة ⁂ 24 04-05-2024 09:07 PM
الصحابة الكرام في سطور من نور ( سعيد بن زيد ) نسر الشام ۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩ 21 08-26-2023 10:29 AM
عظماء الصحابة، مجموعة من قصص الصحابة الكرام في مقطع واحد (مقطع مجمع) شيخة رواية ۩ الصّوتيات والمَرئيات الإسلامِية ۩ 17 07-22-2022 06:37 PM


الساعة الآن 03:58 PM


Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع